نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 89
قال ع [1] : قال أهْلُ العلْمِ: وفَرَضَ اللَّه سبحانه بهذه الآية الأَمْرَ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْيَ عن المُنْكَر، وهو مِنْ فروضِ الكفاية [2] ، إذا قام به قائمٌ، سقَطَ عن الغَيْر، وقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ رأى مِنْكُمْ مُنْكَراً، فَلْيُغَيِّرهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَان [3] والناسُ في الأمر بالمعروفِ وتغْييرِ المُنْكَرِ على مراتِبَ، فَفَرْضُ العلماءِ فيه تنبيهُ الولاةِ، وحَمْلُهُمْ على جَادَّة العلْمِ، وفرضُ الولاةِ تَغْييره بقوَّتهم وسلطانِهِمْ/، ولهم هي اليَدُ، وفَرْضُ سائر الناسِ رَفْعُهُ إلى الولاةِ والحُكَّام بعد النَّهْيِ عنه قولاً، وهذا في المُنْكَرِ الذي له دَوَامٌ، وأما إنْ رأى أحَدٌ نازلةٌ بديهيَّةً مِنَ المُنْكَرِ كالسَّلْبِ والزِّنَا ونحوه، فيغيِّرها بنَفْسِهِ، بحَسَب الحالِ والقدرةِ، ويَحْسُنُ لكلِّ مؤمن أنْ يعتمل في تَغْيِيرِ المُنْكَرِ، وإنْ ناله بَعْضُ الأذى ويؤيِّد هذا المَنْزَعَ أنَّ في قراءة عثمانَ وابْنِ مسْعودٍ، وابنِ الزُّبَيْرِ: «يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ، وَيَسْتَعِينونَ اللَّهَ على مَا أَصَابَهُمْ» [4] ، فهذا وإنْ لم يثبتْ في المُصْحَفِ، ففيه إشارةٌ إلى التعرُّض لما يصيبِ عَقِيبَ الأمْر والنهْيِ كما هو في قوله: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ [لقمان: 17] .
[سورة آل عمران [3] : الآيات 105 الى 109]
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (107) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) [1] ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 486) . [.....] [2] «الفرض» و «الواجب» عند غير الحنفية لفظان مترادفان اصطلاحا على مفهوم واحد، هو الفعل الذي طلبه الشارع من المكلف طلبا جازما، سواء كان الطلب بدليل قطعي كالكتاب والسنة المتواترة، أو كان بدليل ظني كخبر الآحاد، ومن هنا يمكن أن نقول:
ينقسم الواجب باعتبار فاعله إلى فرض عين، وفرض كفاية، وفرض الكفاية:
هو الفعل الذي طلب الشارع حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله. ومعناه: أن فرض الكفاية هو الفعل المطلوب حصوله في الجملة، أي من غير نظر بالإصالة إلى الفاعل، وإنما المنظور إليه أولا وبالذات إنما هو الفعل. أما الفاعل، فلا ينظر إليه إلا تبعا للفعل ضرورة توقف حصوله على فاعل. ولذا كان فعل البعض كافيا في تحصيل المقصود منه والخروج عن عهدته، ومن هنا سمي «فرض كفاية» . [3] أخرجه مسلم (1/ 69) في الإيمان: باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، (78- 79) (49) ، وأبو داود (1/ 366) في الصلاة: باب الخطبة يوم العيد (1140) ، و (2/ 526) ، في الملاحم: باب الأمر والنهي (4340) ، والترمذي (4/ 407- 408) في الفتن: باب ما جاء في تغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب (2172) ، والنسائي (8/ 111- 112) في الإيمان: باب تفاضل أهل الإيمان، وابن ماجة (2/ 406) ، في إقامة الصلاة: باب ما جاء في صلاة العيدين (1275) ، وأحمد (3/ 20، 49، 52- 53) ، والبيهقي (3/ 296- 297) ، (6/ 94- 95) ، (7/ 266) ، (10/ 90) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا به. [4] ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 486) ، و «البحر المحيط» (3/ 24) .
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 89